اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
محاضرة بعنوان شكر النعم (3)
6703 مشاهدة
نعمة التوحيد

ونعمة ثالثة: وهي نعمة التوحيد؛ الذي هو: إخلاص العبادة لله تعالى، وترك عبادة ما سواه؛ فإنها من أجل النعم. وقد كانت هذه المملكة وكثير من الدول ومن البلاد غيرها قد فشا فيهم الشرك وكثر فيهم عبادة القبور، فوفق الله -في وسط القرن الثاني عشر- عالما جليلا هو: الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فتبصر في حالة الناس، ودعاهم إلى التوحيد، وكان فريدا وحيدا؛ ولكن يسر الله له أميرا مخلصا هو: الإمام محمد بن سعود وهو والد الأسرة المالكة في هذه الدولة -وفقها الله- فكان من هذا الكلام، ومن هذا التنفيذ إلى أن ظهر التوحيد، وإلى أن دان أهل هذه الجزيزة بالإخلاص لله تعالى، وتركوا عبادة الأوثان، وعبادة الأموات، وجعلوا عبادتهم لله وحده، فهذه من أجل النعم، فإن الشرك يحبط الأعمال، ومن الشرك: عبادة القبور، بالذبح لها، وبالطواف عندها، وبالوقوف عندها، وبدعاء الأموات من دون الله تعالى. فاحمدوا الله تعالى على هذه النعمة، واعترفوا لله بفضله.